جراحة تكميم المعدة (Gastric Sleeve Surgery): فوائدها، مخاطرها، وهل قد تندم على إجرائها؟

ما هي جراحة تكميم المعدة؟

تُعد جراحة تكميم المعدة واحدة من أبرز جراحات السمنة المعتمدة حالياً، وتدخل ضمن فئة جراحات البدانة (الباريترِك) التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص المصابين ببدانة مفرطة على خسارة الوزن الزائد والسيطرة على الأمراض المرافقة. وتتمّ العملية عبر استئصال جزء كبير من المعدة لتقليص حجمها إلى “كُمية” أو “كمّ” صغيرة، لذا سُمّيت تكميم المعدة. وتُحوّل المعدة إلى أنبوب ضيق يقلّل قدرة المريض على تناول الطعام ويُخلّ بتكوين هرمون الجوع «غريلِين» (Ghrelin)، ما يؤدي إلى شعور أسرع بالشبع. (ekolhospitals.com)

من جهة أخرى، أظهرت مؤسسات طبية مرموقة مثل جونز هوبكنز ميديسن أن هذه الجراحة تُستخدم عندما تُعجز الطرق التقليدية لخسارة الوزن (تحسين الحمية، الرياضة، الدواء) عن تحقيق نتائج كافية، خصوصاً عندما يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) مرتفعاً جداً أو مصحوباً بمضاعفات مثل السكري أو انقطاع التنفّس أثناء النوم. (Johns Hopkins Medicine)

وبالرغم من فعاليّتها العالية، فإنّ التغييرات الجسدية والنفسية التي تليها ليست بالهينة، كما أنّها قد تحمل بعض الأعراض والمضاعفات النادرة التي ينبغي أن يعرفها المريض قبل أن يتخذ قراره.

أهم استخدامات جراحة تكميم المعدة

واحدة من أهم مميزات هذه الجراحة هو أنها لا تقتصر فقط على خفض الوزن، بل تعالج أيضاً ما يُعرف بالأمراض المرتبطة بالسمنة، ومن أبرز الاستخدامات:

  • معالجة نوع 2 من السكري، وتحسين مقاومة الإنسولين. (Cleveland Clinic)
  • خفض ضغط الدم المرتفع، وتحسين أمراض القلب والشرايين. (Cleveland Clinic)
  • تقليل دهون الكبد (تليّف دهني)، وتحسين متلازمة توقف التنفّس أثناء النوم. (Cleveland Clinic)
  • في بعض الأحيان يُستخدم كحلّ حين تفشل الجهود المحافظة في التغلب على البدانة المفرطة التي تؤثر على جودة حياة الشخص وتلطّخ علاقاته الاجتماعية والمهنية.

كما أن المنهج الطبي يُوصي بإجرائها عند عدم الاستجابة لوسائل التقليدية، أو عند وجود مضاعفات مرتبطة بالسمنة، أو عند الرغبة بتحسين جودة الحياة بشكل جذري.

الأعراض الجانبية لجراحة تكميم المعدة

رغم فوائدها الكبيرة، إلاّ أن المعرفة الجيدة بالمضاعفات المحتملة أمر ضروري—فمن دون استعداد كافٍ، قد يتحوّل ما كان قراراً إيجابياً إلى مصدر ضغط. وهنا نستعرض أبرز تلك المضاعفات:

نقص المغذّيات الأساسية

عندما يُقلّص حجم المعدة، تنخفض كمية الطعام التي يتناولها المريض، وبالتالي قد لا يحصل على ما يلزمه من بروتينات، فيتامين ب12، الحديد، الكالسيوم وغيرها من العناصر الضرورية. (Bariatric Journal)
هذا النقص قد يؤدي إلى فقر الدم، تعب مزمن، ضعف مناعة، أو حتى هشاشةَ عظام. لذا يُوصى بتناول مكملات غذائية ومتابعة طبية دورية مدى الحياة.

تساقط الشعر

من المضاعفات التي يجري الحديث عنها كثيراً هي تساقط الشعر بعد الجراحة خلال الأشهر الأولى—غالباً ما يُفسَّر بأنه استجابة طبيعية لتغيّر الجسد وكمّ الطعام والتركيز الغذائي. يُمكن أن يُخفّ تدريجياً مع تغذية سليمة ومكمّلات. (Reddit)

الجفاف ونقص السوائل

قد يُعاني المريض من صعوبة في تناول كميات كافية من الماء والسوائل بعد الجراحة، ما يزيد من خطر الجفاف، هبوط ضغط الدم، أو خفقان القلب. لذا لا بدّ من الالتزام بشرب كميات منتظمة، وتجنّب المشروبات الملونة أو السكّرية.

اضطراب في الهرمونات

بعض النساء قد يلاحظن تغيّرات في الدورة الشهرية أو في التوازن الهرموني بعد الجراحة، نتيجة تغيّر اجتياح الغذاء وامتصاصه. وقد تؤثر هذه التغيّرات في المزاج والوظيفة الجنسية أيضاً.

تغيّرات نفسية واجتماعية

كما أن الالتزام بتغييرات نمط الحياة—نظام غذائي صارم، تخفيض كميات الطعام، ممارسة الرياضة—قد يُسبب شعوراً بعدم الاستقرار، أو عبئاً نفسياً حين لا تُحقّق النتائج بسرعة أو حين تتحوّل الصورة الذاتية للجسد إلى ضغط. بعض المرضى يواجهون مقاومة من البيئة الاجتماعية، أو تغيّرات غير متوقعة في علاقاتهم. (Verywell Health)

مضاعفات جراحية محتملة

  • التسريب عند خط التدبيس في المعدة: وهي من أخطر المضاعفات، وإن كانت نادرة (<1%). (UPMC HealthBeat)
  • النزيف، العدوى، جلطات الدم، الانسداد المعوي أو تضييق “الكمّ” الناتج عن التندّب. (Healthline)
  • ارتجاع المريء (GERD): بعض المرضى يعانون أو تتفاقم لديهم حرقة المريء بعد الجراحة. (bariatricsurgeryco.org)
  • حصوات المرارة: تختلّ عملية الأيض سريعاً بعد فقدان الوزن وقد تؤدّي إلى تكوّن الحصى. (Bariatric Journal)
  • الجلد المترهّل: بفعل خسارة الوزن السريعة، يلاحظ بعض المرضى ترهّلاً جلدياً في البطن أو الذراعين أو الفخذين، وقد يحتاجون لإجراءات تجميلية لاحقة. (Healthline)

هل تندم على جراحة التكميم؟

سؤال يتردّد كثيراً: هل سأتي لحظة أُحسُ فيها بالندم؟ الحقيقة أنّ الأمر ليس “نصّاً أبيض أو أسود”. فالتجارب تختلف بين الأشخاص، والندم غالباً يرتبط بعدم الالتزام أو توقعات غير واقعية.

“No regrets! … It isn’t an easy fix … but it is a reliable fix if you do the work and make the changes in your life.”
— مستخدم لمنتدى تجارب جراحة التكميم (Reddit)

“I regret it … I’ve been vomiting everyday … I cry everyday …”
— مستخدمة أخرى بعد الجراحة بشهور (Reddit)

من هذه التجارب نستخلص أن:

  • المرضى الذين يلتزمون بتعليمات ما بعد الجراحة، التغذية، الرياضة والمتابعة، غالباً يُحققون نتائج رائعة ويقلّ لديهم شعور الندم.
  • بالمقابل، أولئك الذين يعتقدون أنّ الجراحة “تُحلّ كل شيء” تلقائياً، أو لا يلتزمون بنمط الحياة الجديد، قد يصابون بالإحباط والندم.
  • لذلك، من الحكمة أن يُعدّ المريض نفسه ذهنياً ونمطياً قبل الجراحة، ويسأل طبيبه عن توقعات حقيقية وواقعية.

ما هي نسبة النجاح؟ وهل يمكن استعادة الوزن؟

تشير الأبحاث إلى أن جراحة التكميم تؤدي إلى خسارة تقدر بـ 60–70 % من الوزن الزائد في السنة الأولى بعد الجراحة، وقد يصل البعض إلى فقدان أكبر. (ekolhospitals.com)

لكن النجاح لا يعني “نهاية مهمة”؛ فبعض المرضى قد يستعيدون وزناً لاحقاً — خاصة إذا تقلّصت التقييدات الغذائية أو توسّعت المعدة بمرور الزمن. (Verywell Health)

من جهة أخرى، تُذكّر الدراسات بأن معدل الوفاة مباشرة بسبب الجراحة منخفض نسبياً — مثلاً “نحو 1 في 600” في بعض التقارير. (Medical News Today)

طريقة اتخاذ القرار: ما الذي يجب أن تسأله قبل الجراحة؟

قبل الخضوع لجراحة كهذه، يُنصح بأن تطرح على فريقك الطبي الأسئلة التالية:

  • ما هي مؤهّلات الجراح والفريق؟ وهل لديه خبرة واسعة في جراحة تكميم المعدة؟
  • ما هي توقعات خسارة الوزن المتوقّعة لحالتي بالذات؟
  • ما هي المخاطر المحتملة حسب وضعي الصحي؟
  • ما هي المتطلبات قبل وبعد الجراحة من حمية غذائية ومكملات ومتابعة؟
  • هل يشمل حزمة ما بعد الجراحة (دعم نفسي، تغذية، نشاط بدني)؟
  • ما هي سياسة العيادة / المستشفى بخصوص حالات الندم أو استعادة الوزن؟

نصائح تساعدك على تحقيق نتائج أفضل

  • احرص على تناول بروتين كافٍ يومياً (حسب توصية طبيبك) لتجنّب فقدان العضلات أو تساقط الشعر.
  • تناول مكملات الفيتامينات والمعادن بانتظام (مثل ب12، الحديد، الكالسيوم، فيتامين د) بعد الجراحة.
  • اشرب كميات كافية من الماء والسوائل، مع تجنّب المشروبات الغازية أو المحتوية على سكّر مرتفع.
  • قم ببرنامج نشاط بدني منتظم، خاصة المشي والتمارين المعتدلة، لتثبيت النتائج وتحسين اللياقة.
  • تحلّ بالوعي أن الجراحة هي أداة مساعدة وليست “حلّاً سحرياً” منفرداً — النمط الغذائي والسلوك هو الذي يحدّد النجاح على المدى الطويل.

خاتمة

جراحة تكميم المعدة تُعد خياراً فعّالاً لمن يعانون من بدانة مفرطة، وتشكّل نقطة انطلاق نحو نمط حياة جديد، خالٍ أو أقل من الأمراض المُرافقة. لكن مثل أي خطوة كبيرة، تحتاج إلى تحضير جيد، التزام، وواقعية في التوقعات. المعرفة بمضاعفاتها — من نقص المغذّيات إلى تغيرات نفسية أو استعادة الوزن — تمكّنك من تجنّب مفاجآت غير مرغوب فيها.

إذا التزمت بالشروط وحافظت على نمط الحياة، فغالباً ما تكون النتيجة تغييراً إيجابياً جذرياً. وإن شعرت يومًا بأنك “ندمت” أو واجهت صعوبة، تذكّر أن النجاح لا يُقاس فقط بوزنك، بل بكيف أصبح جسدك وعقلك يعيشان — وأنت تتحكّم بخياراتك، لا أن تُحكم بها.

Scroll to Top