ما هو الفيب (السجائر الإلكترونية)، وكيف يعمل، ما أبرز أضراره

من “الغليان” إلى “الضباب”

في عصرٍ أصبحت فيه التكنولوجيا تدخل في كل صغيرة وكبيرة، ظهر “الفيب” أو السيجارة الإلكترونية كحل مبتكر لمن يريد التخلص من السجائر التقليدية أو الباحث عن تجربة أقل إزعاجًا من دخان التبغ. لكن هذا الحل المعاصر ليس خاليًا من المخاطر، كما لا يخلو من الجدل. فبين وعود بأن الفيب أقل ضررًا، وبين تحذيرات من أنه “ليس أمانًا”، يقف الكثير من المستخدمين في منتصف الطريق، يحاولون أن يوازنوا بين الرغبة في الإقلاع وبين الوزن الصحي لما قد يفقدونه.

ما هو الفيب وكيف يعمل؟

  • الفيب هو جهاز صغير محمول يُستخدم لتسخين سائل إلكتروني يحتوي عادة على:
    1. النيكوتين (أو قد يكون السائل بلا نيكوتين، لكن هذا نادرًا ما يُعلن بوضوح).
    2. النكهات المتنوعة (فواكه، حلويات، منكهات اصطناعية).
    3. تركيبات مثل البروبلين غليكول (Propylene Glycol) والجلسرين النباتي (Vegetable Glycerin).
  • الجهاز يشمل عادة خزانًا أو خرطوشة لحفظ السائل، عنصر تسخين (coil أو مماثل)، بطارية، ومجرى لاستنشاق الرذاذ الناتج (الهَباء الجوي). الجهاز يسخّن السائل حتى يتحوّل إلى رذاذ يُستنشق في الرئتين.
  • الفرق الأساسي مع السيجارة التقليدية هو أن التدخين يحرق التبغ، ما ينتج دخانًا يحتوي على آلاف المركبات بما فيها القطران وأول أكسيد الكربون وغيرها، أما الفيب فلا يشمل عملية الحرق نفسها، بل التبخير أو التسخين المُتحكَّم فيه، لكن هذا لا يعني غياب الأذى.

الأضرار والمخاطر المرتبطة بالفيب

إليك ما توصَّلت إليه الأبحاث حتى الآن من أضرار محتملة:

  1. دخول النيكوتين إلى الجسم
    • النيكوتين مادة قوية تسبب الإدمان: تُغيّر وظائف الدماغ خاصة لدى المراهقين والشباب الذين لا يزال دماغهم يتطور. (CDC)
    • يمكن أن يرفع ضغط الدم، يسرّع ضربات القلب، ويُضيق الأوعية الدموية، مما يزيد مخاطر الأمراض القلبية. (American Cancer Society)
  2. المواد الكيميائية الضارة المنبعثة مع الرذاذ
    • توجد مركبات مثل الفورمالديهايد والأسيتالدهيد وبعض المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) التي قد تُصبح ضارة عند التسخين أو عند “الوميض الجاف” (dry-puff) عندما لا يصل السائل بشكل كافٍ إلى عنصر التدفئة. (American Cancer Society)
    • المعادن الثقيلة مثل الرصاص والنيكل والقصدير قد تخرج من أجزاء الجهاز المتآكلة أو المكونات الموصَّلة. (American Cancer Society)
    • بعض المنكهات تحتوي على مواد مثل ‘diacetyl’ (مرتبط بأمراض رئة خطيرة مثل ما يُعرف بـ “رئة الفشار” bronchiolitis obliterans). (American Cancer Society)
  3. تلف الرئة ومشاكل التنفس
    • الربو يمكن أن يُشتدّ أو يُستثار بواسطة الفيب. (American Cancer Society)
    • حالات إصابات الرئة المرتبطة باستخدام منتجات الفيب (EVALI) تم رصدها، تشمل التهابات شديدة، ضيق نفس، ألم في الصدر، وربما دخول المستشفى. (American Cancer Society)
  4. أثر على الأوعية الدموية والقلب
    • دراسات أظهرت أن استخدام الفيب على المدى الطويل يُضعف وظيفة بطانة الأوعية الدموية (endothelial function)، ويزيد من النفاذية (leakiness) فيها، مما يزيد خطر الأمراض القلبية. (National Institutes of Health (NIH))
  5. الإدمان وتحفيز النّداء للاستخدام
    • بجانب النيكوتين، التعود النفسي والعادات (الاستنشاق اليدوي، الطقس، الذوق، الطعم) كلها تُعزز الإدمان.
    • المراهقون أكثر عرضة للبدء بالفيب، وقد يكون ذلك مدخلًا لتدخين التبغ بعدها. (CDC)
  6. المخاطر عند الحمل
    • النيكوتين له تأثيرات سلبية على الجنين؛ يمكن أن يؤثر على وزن الولادة، نمو الرئة، وربما تطور الدماغ. (CDC)
  7. المخاطر التي لا نعرفها بعد بوضوح
    • الفيب ليست قديمة بما يكفي لنعرف كل الأثر الطويل المدى. الوقت ضروري حتى تظهر بعض الأمراض المزمنة. (Healthline)
    • هناك اختلاف كبير بين الأجهزة، السوائل، النكهات، القوة الكهربائية، مما يجعل النتائج متباينة والصعوبة في تقييم كل منتج على حدة.

الفوائد المحتملة للفيب—هل توجد بالفعل؟

رغم المخاطر، هناك بعض السيناريوهات التي يُلاحظ فيها أن الفيب قد يكون لها فوائد مقارنةً بالتدخين التقليدي، إذا ما استُخدمت بحذر ومع المعرفة:

  1. أقل ضررًا من التدخين؟
    • بعض الدراسات تُشير إلى أن الفيب تنبعث منها مواد ضارة بكميات أقل من السجائر التقليدية لأنها لا تشمل عملية الحرق، الذي يُنتج القطران وغيره من المواد المسرطنة. (American Cancer Society)
    • مع ذلك، “أقل ضررًا لا يعني أمان تام.” هذه مقارنة بين مخاطر متفاوتة وليست براءة من الأذى.
  2. مساعدة للإقلاع عن التدخين
    • بعض الأبحاث تشير إلى أن الأشخاص الذين يحاولون التوقف عن التدخين وجدوا أن الفيب قد تساعدهم في ذلك—إما بتقليل عدد السجائر، أو الانتقال الجزئي ثم الكامل إلى الفيب، أو إلى الإقلاع التام. (Harvard Health)
    • يُظهر تحليل لـ 61 دراسة أنّ الفيب كانت أكثر فعالية من بعض الطرق التقليدية مثل اللصقات أو العلكة في بعض الحالات. (Harvard Health)
  3. تحسينات فورية عند التوقف
    • عند الإقلاع، تتحسن بعض وظائف الرئة، يقل التسعُّل، التنفس يصبح أسهل، وقد تتحسن الدورة الدموية. (Healthline)
    • الشعور العام بالصحة النفسية غالبًا ما يتحسن بمجرد التوقف عن الاعتماد على مادة مدمنة كالنِيكوتين. (Healthline)

المقارنة: الفيب أم السجائر؟

إليك مقارنة بين الفيب والسجائر التقليدية بناءً على الأدلة:

المعيارالسجائر التقليديةالفيب
عملية الحرق وإنتاج الدخاناحتراق التبغ يُنتج دخانًا يحتوي على آلاف المركبات السامة بما فيها القطران وأول أكسيد الكربونلا يتم حرق التبغ إنما تبخير، مما يقلل بعض المركبات الضارة لكن لا يلغيها بالكامل
كمية المواد المسرطنةعالية جدًا بسبب الحرق، يحتوي القطران ومواد كيميائية مسرطنة معروفةأقل في بعض المركبات، لكن هناك نكهات وحرارة وتسخين يمكن أن تُنتج مركبات مسرطنة مثل الفورمالديهايد إذا ما تم التسخين الزائد أو “الوميض الجاف” (American Cancer Society)
الإدمانالنيكوتين والتعود النفسي قوي جدًاأيضًا يحتوي نيكوتين في الغالب، والإدمان ممكن، وربما يسهل الاستخدام بين المراهقين
تأثيرات صحية قصيرة المدىالسعال، تهيج الحلق والرئتين، ضعف التنفسمماثلة أو أقل، لكن أحيانًا يُلاحظ تهيج العين، النفس، السعال من الفيب أيضًا (CDC)
تأثيرات صحية طويلة المدىأمراض القلب، الرئة المزمنة، السرطان، الوفاة بدرجة أكبرلا يزال البحث جارٍ، لكن مخاطر محتملة موجودة، خاصة عند الاستخدام الطويل أو المبالغ فيه أو مع معدات غير آمنة

قصص وتجارب واقعية

لإضفاء بعد إنساني، إليك بعض نماذج واقعية مأخوذة من الرصد الصحي والتقارير:

  • شابٌ بدأ الفيب معتقدًا أنه “أكثر أمانًا” من التنباك، وبعد عدة سنوات ازداد لديه ضيق التنفس وأصبح يعاني من سعال مزمن، وعندما فحصه الطبيب وجد تغيرات في وظائف الرئة.
  • امرأة كانت تدخن سجائر تقليدية لعشرين سنة، حاولت الإقلاع عدة مرات، فلجأت إلى الفيب كخيار وسطي، ومع مرور الوقت تمكنت من تقليل السجائر – ثم الإقلاع التام – مع تحسّن ملحوظ في التنفس والحالة العامة.
  • حالات طبية تم تسجيلها لدى مستخدمي الفيب “المزدوجين” (الذين يستخدمون الجهتين: السيجارة التقليدية والفيب معًا)، حيث أن الجمع بينهما زاد من الضرر بدلاً من أن يقلله. (American Cancer Society)

ماذا يقول الخبراء—التوصيات والوجهة التنظيمية

  • مراكز مكافحة الأمراض ومنظمات السرطان تحذر: لا يوجد منتج تبغ أو بديل تبغي آمن تمامًا، والفِيب ليس استثناءً. (CDC)
  • يجب أن يُستخدم الفيب فقط كأداة مساعدة للإقلاع إذا لم تنجح الطرق الأقل ضررًا مثل اللصقات، العلكة، الاستشارات السلوكية. (Harvard Health)
  • التركيز على سلامة السائل والمكونات: تجنب النكهات التي تحتوي على مواد ضارة، التأكد من جودة البطارية، تجنب الأجهزة المزورة أو المجهولة المصدر.
  • التشريعات التي تقيّد بيع الفيب للمراهقين، المنكهات التي تجذبهم، وتعزيز التوعية بالمخاطر. (The Jas)

الخلاصة: الحكم النهائي

  • الفيب ليس بريئًا: لا يجب أن يُنظر إليه كخيار “خالي من المخاطر” وإنما كخيار مع مخاطر أقل نسبيًا في بعض الحالات مقارنةً بالسجائر التقليدية، لكن ليس خاليًا من الأذى.
  • إذا كنت مدخنًا حاليًا وتبحث وسيلة للإقلاع، فإنه من الممكن أن يكون الفيب جزءًا من الاستراتيجية، لكن يجب أن تكون تحت إشراف طبي وإرشاد محترف، مع مراقبة الأعراض والتأكد من استخدام معدات وسوائل آمنة.
  • أما إن لم تكن مدخنًا، فالأفضل أن لا تبدأ إطلاقًا، لأن الفيب يمكن أن يؤدي إلى الإدمان، وإلى بدء التدخين التقليدي، وأيضًا إلى أضرار نفسية أو جسدية لم تكن متوقعة.
  • الأبحاث ما تزال في مراحلها، وخاصة فيما يتعلق بالآثار البعيدة المدى مثل السرطان التام، أمراض القلب المزمنة، وأمراض الرئة المزمنة.

Scroll to Top