المتحف المصري الكبير: أكبر متحف حضاري… وأول متحف صديق للبيئة في إفريقيا والشرق الأوسط

Image
Image
Image

في ظلّ التحوّل العالمي نحو العمارة المستدامة والتصميم الصديق للبيئة، لا يقتصر مشروع المتحف المصري الكبير على كونه أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم فحسب، بل وصل إلى أن يُشكّل نموذجاً يُحتذى به في دمج البعد البيئي مع البُعد الحضاري. فبين قوائم الأرقام القياسية في العمارة والتراث، يتقدّم المتحف – الذي يتقاطع موقعه بين ضفاف النيل وأهرامات الجيزة– بخُطوات متسارعة نحو ما يُعرف بـ ” الحياد الكربوني ” (carbon neutrality) وتحقيق معايير الاستدامة البيئية.

في ما يلي، نسلط الضوء على 17 معلومة رئيسية تكشف كيف تحوّل هذا المشروع العملاق إلى مثال يحتذى به في البناء الأخضر، وتوضّح لماذا يُعدّ نقطة تحول في علاقة الموسسات الثقافية بالبيئة والاقتصاد الأخضر.

1. دعم فني وإعلان “متحف أخضر وصديق للبيئة”

منذ المراحل الأولى، قدّم جهاز شؤون البيئة الدعم الفني لمشروع المتحف، حتى أُعلن رسمياً أنه “متحف أخضر وصديق للبيئة”، في إطار تعاون وثيق بين الوزارات المعنية.

2. العمل على الحياد الكربوني

تتطلّع إدارة المتحف إلى تحقيق الحياد الكربوني عند افتتاحه وفي السنة الأولى للتشغيل عام 2025، أي أن انبعاثات الكربون المتولّدة من تشغيله ستكون محسوبة ومُعادَلة.

3. رصد مستمر لتلوث الهواء والضوضاء

تمّ تخصيص محطة رصد تابعة لوزارة البيئة في محيط المتحف لمراقبة جودة الهواء ومستوى الضوضاء؛ ما يؤكّد أنّ المشروع لا يُراعي البيئة من الداخل فحسب، بل يطوّع محيطه البيئي أيضاً.

4. مبادرة “100 مليون شجرة” وخِضرة المنطقة المحيطة

ضمن جهود التشجير وتحسين النسيج الأخضر المحيط بالمتحف، تمّ دعم زراعة الأشجار في نطاق المنطقة المحيطة، عبر مبادرة “100 مليون شجرة” التي أطلقها رئيس الجمهورية.

5. محتوى علمي وتدريبي للبرنامج التثقيفي البيئي

تم إعداد محتوى علمي وتدريبي ضمن برنامج المتحف للتوعية بالقضايا البيئية، بحيث لا يكتفي المتحف بعرض التراث فحسب، بل يُغرِس في زائريه وطلبته وموظفيه ثقافة البيئة.

6. دعم فني لأنشطة التوعية البيئية

إلى جانب المحتوى، يُقدّم المتحف الدعم الفني للأنشطة البيئية المختلفة — محاضرات، ورش عمل، معارض توعوية — في إطار تعاونه مع جهات البيئة والتوعية.

7. استخدام أدوات ومستلزمات صديقة للبيئة داخل الزيارات

الزيارات إلى المتحف لن تشمل فقط مشاهدة المعارض، بل ستكون مصحوبة بأدوات مستدامة — من مطبوعات إلى وسائل العرض — مصمّمة لتقليل الأثر البيئي.

8. تخصيص قاعة للأنشطة والمواد العلمية البيئية

داخل المتحف تمّ تخصيص قاعة خاصة لعرض الأنشطة والمواد العلمية ذات الصلة بالبيئة، ما يعكس التزاماً فعلياً بتحويل المعرفة إلى تجربة ميدانية داخل المتحف.

9. عرض مطبوعات وزارة البيئة عن التنوع البيولوجي والمحميات

من خلال التعاون مع وزارة البيئة المصرية، تُعرض مطبوعات ومواد توعوية تتناول المحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي، لتعريف الزوار بأن التراث المادي لا ينفصل عن البيئة الطبيعية التي نشأ فيها.

10. تنفيذ برنامج تثقيفي بيئي ضمن الفعاليات الثقافية

المتحف لا يكتفي بأن يكون معرضاً ثابتاً، بل يضم فعاليات ثقافية متوازية تشمل برامج تثقيفية بيئية، مصمّمة خصيصًا لربط الثقافة بالاستدامة.

11. الترويج للسياحة البيئية عبر توزيع مطبوعات تعريفية

جزء من التوعية يتمثل في الترويج للسياحة البيئية — يُوزّع مطبوعات تعريفية على الزوار حول محميات مصر الطبيعية، ما يجعله مركزاً للتزيُّل نحو «السياحة الخضراء».

12. شهادة المستوى الأعلى للمباني الخضراء: EDGE Advanced

حَصل المتحف على شهادة “EDGE Advanced” للمباني الخضراء من International Finance Corporation (IFC)، ليكون أول متحف في أفريقيا والشرق الأوسط ينال هذه الشهادة. (IFC)

13. توفير أكثر من 60% من الطاقة مقارنة بمبنى تقليدي

تصميم المتحف وتنفيذه مكنّاه من تحقيق خفض استهلاك الطاقة بنسبة تتعدّى 60% مقارنة بمبنى مماثل من حيث المساحة والاستخدام. (Egyptian Gazette)

14. تقليل استهلاك المياه بنسبة 34%

نظام إدارة المياه الذكي والتصميم يوفران تخفيضاً في استهلاك المياه بنسبة 34% مقارنة بمبنى تقليدي. (IFC)

15. تدابير مستدامة: سقف عاكس، مظلات خارجية، إضاءة موفّرة، صنابير ذكية

من المقاومات التقنية: سقف عاكس للحرارة، مظلات خارجية للحماية من الشمس، إضاءة LED منخفضة الاستهلاك، وصنابير مياه ذكية تقلّل الهدر. هذه التفاصيل تُظهِر أنّ الاستدامة لا تقتصر على الفكرة، بل على التنفيذ.

16. توفير استهلاك الطاقة يعادل إزالة أكثر من 400 سيارة بنزين من شوارع القاهرة لمدة عام

بحسب بيانات IFC، التوفير في الطاقة بالمتحف يعادل «إخراج» أكثر من 400 سيارة تعمل بالبنزين من شوارع القاهرة لمدة عام كامل—رقم رمزي يعكس الأثر الفعلي. (IFC)

17. بروتوكول تعاون بين وزارتي البيئة والسياحة وجهاز شؤون البيئة

توقيع بروتوكول تعاون بين الجهات المسؤولة يؤكّد أن المشروع ليس منفرداً، بل جزء من رؤية وطنية أكبر تشمل أهداف التنمية المستدامة، الثقافة، البيئة والسياحة.

لماذا كل هذا مهم؟

دمج الثقافة مع البيئة

المتحف المصري الكبير ليس مجرد فضاء يعرض قطعاً فرعونية، بل هو أيضاً مساحة تُعبّر عن المسؤولية البيئية — فالمبنى نفسه، تصميمه، وتشغيله، يحكي قصة احترام الأرض بقدر ما يحكي تحفاً من الحجر والمعدن.

رؤية وطنية نحو مصر 2030

تصميم المشروع يأتي منسجماً مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، والتي تتبنّى التحول نحو البُنى الصديقة للبيئة، مما يجعله جزءاً من استراتيجية وطنية وليس مجرد مشروع منفصل.

رسالة للمشروعات الكبرى

بما أنّ المتحف يُعدّ من أكبر المشاريع القومية في مصر، فإن تحويله إلى نموذج أخضر يُرسل رسالة لجميع المشاريع المستقبلية بأن “الكبير” يجب ألا يكون فقط في الحجم، بل أن يكون مسؤولا بيئيًا أيضًا.

جذب السياحة والمسؤولية

في زمن «السياحة الواعية» (sustainable tourism)، فإن المتحف يُقدّم لزائره ليس مجرد زيارة لمعرض، بل تجربة متكاملة؛ إذ يستهلك طاقة أقل، يُسهم في جودة الهواء والمحيط، ويُرسل إشارات إيجابية للمستثمرين والزوار على حدّ سواء.

التحديات وفرص المتابعة

بالطبع، لا تخلو الرحلة من تحدّيات: كيف سيتم ضمان أن التشغيل الفعلي للمتحف (عند الافتتاح الكامل) يحقّق الأرقام والنسب المعلَنة؟ كيف ستُدار كل المخلفات التشغيلية؟ وهل سيبقى التركيز على البيئة مستمراً عقب الافتتاح؟

لكن من جهة أخرى، هناك فرص كبيرة:

  • تعميم التجربة في مشاريع ثقافية وفندقية وسياحية أخرى داخل مصر والمنطقة.
  • استخدام هذا النموذج في تعليم الجيل الجديد حول الربط ما بين التراث والبيئة.
  • جذب دعم دولي للاستدامة من خلال هندسة مشروع يُعدّ من الأضخم على مستوى الشرق الأوسط.

خاتمة

عندما تزور المتحف المصري الكبير، لا ستُشاهد فقط تحفة معمارية أو إرثاً فرعونياً، بل ستحضر “متحفاً بيئياً” بطريقته الخاصة — مبنىٌ ومشروعٌ يُولون البيئة اهتماماً مماثلاً لما يُولونه للحضارة. إنه إعلان عملي بأن المستقبل ليس فقط ما نحتفظ به من الماضي، بل كيف نحفظه ونقدّمه بطريقة تحترم الكوكب الذي يعيش عليه.

وفي هذا، يُقدّم المتحف رسالة واضحة: عراقة الماضي لا تتناقض مع حماية المستقبل. بل إنهما يتكاملان، عبر تصميم، تنفيذ وتشغيل يُراعيان الجميع: الإنسان، التراث، والطبيعة.

Scroll to Top