بين الحقيقة والشائعة: هل منتجات “هوهوز” من شركة إيديتا تحت المقاطعة بالفعل؟

في زمنٍ تغزوه المعلومات المتداخلة، وتغلب فيه الشائعات على الحقائق أحيانًا حين يتعلّق الأمر بالأمور الحسّاسة مثل دعم الاحتلال أو المشاركة فيه، يقف المستهلك أمام موقف صعب. في مصر والعالم العربي، تبرز شركة إيديتا Foods كعلامة مألوفة جدًا، وظهرت تساؤلات كثيرة: هل منتجات إيديتا، مثل “هوهوز”، تدعم الاحتلال الإسرائيلي؟ هل هي موضوع مقاطعة حقيقية أم مجرد شائعات؟ هذا ما نحاول استقصاءه في هذا التحقيق.

من هي شركة إيديتا؟

  • تاريخها ونشأتها: تُعدّ Edita Food Industries S.A.E شركة مصرية تأسّست عام 1996، اختصّت منذ بداياتها بصناعة الوجبات الخفيفة المخبوزة، مثل الكيك والكرواسون والروستس (الخبز المجفّف “الروسكس”). (ir.edita.com.eg)
  • المنتجات والعلامات المعروفة: العلامات تحت مظلتها تشمل Molto، TODO، Bake Rolz، Bake Stix، Freska، Oniro، MiMix، كما تملك حقوق العلامات العالمية مثل HoHo’s، Twinkies، Tiger Tail في بعض الدول. (ir.edita.com.eg)
  • الإنتاج والتوزيع: تمتلك الشركة عدة مصانع داخل مصر (في مدينة 6 أكتوبر، 10 من رمضان، وبني سويف) وتصدر منتجاتها إلى أكثر من 20 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. (ir.edita.com.eg)
  • الشفافية والمعلومات المتاحة: الشركة منشورة في البورصة المصرية ولندن كمصدر للأسهم، وتلتزم بإصدار تقارير دورية، وتبيّن في بياناتها العديد من شهادات السلامة والجودة. (egypt-business.com)

ما يُشاع: “هوهوز تدعم الاحتلال الإسرائيلي”

منتج “هوهوز” (HoHo’s) هو احد منتجات إيديتا، وقد ظهرت شائعات على مواقع التواصل تُفيد بأنه “يدعم الاحتلال”، بمعنى أن الشركة أو المنتج يُموِّل أو يتعامل تجاريًا بطريقة تدعم إسرائيل، أو أن جزءًا من أرباحه يذهب لدعم الاحتلال، أو أن هناك شراكة ما. هذه الادعاءات تحوّلت إلى حملة مقاطعة لدى بعض المستهلكين.

لكن، من خلال البحث في المصادر المتاحة حتى الآن، لا توجد أدلة موثوقة أو رسمية تُثبت أن إيديتا تساهم بأي شكل من الأشكال في دعم الاحتلال الإسرائيلي. لم تُصدر الشركة بيانًا يقول إنها تدعم إسرائيل، ولم يُكشف عن استثمار أو تعامل مباشر يُثبت هذا بالدليل القاطع.

تقييم الأدلة: هل هناك تعاملات تجارية مع إسرائيل؟

  • التصدير والتوزيع: شركة إيديتا تصدّر إلى عدة دول، من بينها فلسطين، ليبيا، الأردن، المغرب، وغيرها.
  • الملكية والإدارة: الشركة مملوكة مصريًا وعائليًا منذ تأسيسها، ولم يُظهر التقرير السنوي أو بيانات الإفصاح أن هناك مساهمين إسرائيليين أو استثمارات من إسرائيل أو تمويل مباشر للهجمات أو الاحتلال. (Wikipedia)
  • الشهادات والشفافية: الشفافية في التقارير المالية، القوائم، المصنع، التوزيع، توفر شهادات جودة وسلامة غذائية وغيرها إنما كلها مؤشرات على أن الشركة تعمل ضمن قواعد الشركات التجارية المعتادة، وليس هناك مؤشر رسمي موثوق أن الأمر يتعدى الشائعات. (ir.edita.com.eg)

لماذا تستمر الشائعات مادامت لا توجد دلائل قوية؟

  1. حساسية القضية: الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي موضوع شديد الحساسية، وكل شركة يُقال عنها أنها تتعامل بأي شكل مع إسرائيل عرضة للشائعات.
  2. نقص الشفافية الجزئية: غالبًا لا يُفصح عن كل تفاصيل سلسلة التوريد والموزعين النهائيين، ما يتيح مجالًا للشك.
  3. انتشار وسائل التواصل الاجتماعي: الأخبار تنتشر بسرعة، وقد تُعاد صياغتها أو تضخيمها دون تحقق كامل من المصادر.
  4. خطأ نتيجة الخلط بين “البيع أو التصدير إلى فلسطين” وبين “دعم الاحتلال”: بعض الناس يربطون التصدير إلى فلسطين – كدولة فلسطينية أو مناطق تحت الاحتلال أو بضعة موزعين هناك – بكون الشركة “تدعم إسرائيل”، وهو ربط غير دقيق ما لم يكن هناك تعامل مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي أو مساهمة مالية فيه.

ما الذي لم يُثبَت حتى الآن؟

  • لا توجد وثائق رسمية تُفيد بأن إيديتا أو هوهوز تدفع أموالًا للحكومة الإسرائيلية أو أي مؤسسات تابعة للاحتلال.
  • لا توجد تقارير مستقلة معروفة تقول إن منتجاتها تُستخدَم أو تُسوَّق بطريقة تُسهِم بشكل مباشر في دعم الاحتلال.
  • لا وجود إلى الآن لما يُعرف بـ “سجّل صادرات إلى إسرائيل” أو تسليم مباشر للسلع إلى الدولة الإسرائيلية من الشركة مؤكد في التقارير الرسمية.

رأي الخبراء وأصوات المستهلكين

  • بعض المستهلكين عبر مواقع التواصل قرروا مقاطعة منتجات إيديتا بناءً على الشائعات أو بناءً على رغبة شخصية في المقاطعة الأوسع لأي شيء يُحتمل أن يكون مرتبطًا بالاحتلال.
  • في المقابل، لا يوجد تقرير موثوق صادر من جهة حقوقية أو مؤسسة مستقلة يعرض أدلة مادية تؤكد مزاعم الدعم.
  • بعض المستخدمين يقولون إن الشركة قامت بحملات إغاثة لفلسطين، ما يجعلهم يعتقدون بأنها ليست متواطئة في الأفعال السلبية. ولكن “المساعدة الإنسانية” ليست دليلاً على “دعم الاحتلال”، إنما قد تكون في سياق التضامن.

الخلاصة: ما يُمكن القول منطقيًا الآن

بعد البحث في التقارير الرسمية، البيانات المتاحة، والإعلانات والشهادات:

  • لا توجد حتى الآن أدلة موثوقة تُثبت أن شركة إيديتا أو منتج “هوهوز” يدعمان الاحتلال الإسرائيلي.
  • الادعاءات الحالية تبدو مستندة إلى شائعات أو إلى تفسير شخصي وغير موثق لتصرفات أو صداقات تجارية أو صادرات غير مؤكدة.
  • لم يتم العثور على بيان رسمي من إيديتا يعلن أنها جزء من أي نشاط تجاري مع إسرائيل بطريقة مباشرة تُساعد في دعم الاحتلال.

التوصيات للمستهلك الذي يُريد التأكد واتخاذ قرار

إذا كنت من الأشخاص الذين يحرصون على مقاطعة أي شركة إذا تبين وجود دعم أو تورّط، فإليك خطوات تحقق عقلانية:

  1. التحقق من مصادر رسمية: راجع تقارير الشركة السنوية والموقع الرسمي الخاص بها.
  2. طلب الإثباتات الموثوقة: كوثائق استيراد/تصدير، شهادات، تعاملات مع الحكومة الإسرائيلية أو مؤسسات تابعة لها.
  3. المقارنة مع التوصيات الحقوقية: إذا كانت منظمات حقوق الإنسان أو هيئات مستقلة قد أجرت بحوثًا وتوصيات حول المقاطعة.
  4. تمييز بين التعبير والدعم المالي المباشر: قد تجد أن البعض يعبر عن تضامنه الفلسطيني مع القضية، لكن هذا ليس نفس الأمر بالدعم المالي أو المادي للاحتلال.

ملاحظات أخيرة

  • وجود مقاولين أو مساهمين من دول أو شركات عالميّة ليس بالضرورة يعني دعمًا سياسيًا أو تمويلًا للاحتلال، إلا إذا أثبِت العكس.
  • الشركات قد ترفع شهادات “كوشير – Kosher” أو شهادات دينية أخرى لأغراض تسويقية أو للتصدير، وهذا لا يعني بالضرورة دعمًا سياسيًا.
  • مع تطور وسائل التواصل، من المهم دائمًا أن يكون الاستنتاج مبنيًا على أدلة، لا على إشاعات أو تصدير غير دقيق للمعلومات.

Scroll to Top