مع تزايد حالات الإصابة بأمراض القولون والمستقيم، يُعد “منظار القولون” واحدًا من أهم الفحوص الطبية التي لا غنى عنها اليوم. هذا الإجراء الطبي الذي قد يبدو مرعبًا للبعض، في الحقيقة هو إجراء بسيط يمكن أن يكشف مبكرًا عن أمراض خطيرة، مثل سرطان القولون، الذي يُصنف ضمن أكثر أنواع السرطان شيوعًا على مستوى العالم.
فما هو منظار القولون؟ ولماذا قد يطلبه الطبيب؟ وما الذي ينبغي عليك فعله قبل الخضوع له؟ إليك كل ما تحتاج إلى معرفته، بطريقة مبسطة وشاملة.
ما هو منظار القولون؟
منظار القولون هو فحص يُتيح للطبيب فحص داخل الأمعاء الغليظة (القولون) باستخدام أنبوب مرن دقيق مزوّد بكاميرا صغيرة في طرفه. يتم إدخال هذا الأنبوب بلطف عبر فتحة الشرج إلى المستقيم، مما يسمح للطبيب بمشاهدة بطانة القولون على شاشة عالية الدقة.
لا يقتصر الفحص على الرؤية فقط، بل يمكن للطبيب أثناء الفحص:
- أخذ عينات (خزعات) من الأنسجة المشكوك بها.
- إزالة الزوائد اللحمية (البوليب).
- معالجة بعض الحالات البسيطة داخل القولون.
ما استخدامات منظار القولون؟
يُطلب منظار القولون لأغراض تشخيصية وعلاجية، ومن أبرز استخداماته:
1. تشخيص الأمراض عند ظهور أعراض غير مبررة، مثل:
- نزول دم مع البراز (أحمر أو داكن).
- تغير مفاجئ في عادات التبرز (إمساك مزمن أو إسهال).
- ألم مستمر في البطن.
- فقدان وزن غير مفسر.
- تعب دائم غير مبرر.
2. الكشف المبكر عن سرطان القولون أو الأورام الحميدة
- يُوصى بإجراء منظار القولون كل 10 سنوات بدءًا من سن 45، خاصة لمن لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
- يُمكن أن يكتشف 90% من الأورام قبل أن تتحول إلى سرطانية.
3. تشخيص حالات أخرى مثل:
- التهاب القولون التقرحي.
- داء كرون.
- القرح المعوية.
- التهاب الرتج أو مرض الرتوج.
- السلائل الغدية الوراثية (مرض عائلي نادر).
- انسدادات أو تشوهات في الأمعاء.
4. إجراء تدخلات أثناء الفحص:
- إزالة الزوائد قبل أن تتحول إلى أورام خبيثة.
- وضع دعامات في القولون في حال الانسداد.
- أخذ خزعات لأغراض تحليلية دقيقة.
التحضيرات اللازمة قبل منظار القولون
نجاح الفحص يعتمد بشكل كبير على تحضيرات المريض. إذ أن وجود أي بقايا في القولون قد تعيق رؤية الطبيب، أو تؤدي لتأجيل الفحص. وتشمل هذه التحضيرات:
1. اتباع نظام غذائي خاص
قبل الفحص بـ3 إلى 4 أيام، يُوصى باتباع نظام غذائي خفيف وسهل الهضم:
مسموح به:
- الخبز الأبيض، الأرز، المكرونة.
- الخضروات المطهية دون قشر.
- الفواكه المقشرة والمصفاة.
- اللحوم الخالية من الدهون.
- المرق، والبيض.
يجب تجنبه:
- الحبوب الكاملة، المكسرات، والبذور.
- الخضراوات النيئة مثل البروكلي والملفوف.
- الأطعمة الدهنية أو البقوليات.
2. الصيام
في اليوم الذي يسبق المنظار:
- يجب التوقف عن تناول الطعام الصلب.
- مسموح فقط بتناول السوائل الصافية: عصائر مفلترة، شاي أو قهوة (بدون حليب)، ماء، مرق.
- تجنب السوائل الملونة بالأحمر أو الأزرق لأنها قد تؤثر على الرؤية داخل القولون.
قبل الإجراء بساعتين إلى أربع ساعات، يُمنع تناول أو شرب أي شيء إلا في حال تعليمات مغايرة من الطبيب.
3. تفريغ القولون (التطهير الكامل)
غالبًا ما يوصي الطبيب بـ:
- أدوية ملينة قوية على شكل أقراص أو شراب.
- تناولها مساء اليوم السابق للفحص وربما صباح يوم الفحص.
- الجلوس في المرحاض لفترات طويلة هو أمر طبيعي خلال هذه المرحلة.
4. مراجعة الأدوية الخاصة بك
من المهم جدًا إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية التي تتناولها، خصوصًا:
- أدوية القلب والسكري.
- مضادات التجلط (مثل الوارفارين أو الأسبرين).
- مكملات الحديد.
- الأدوية التي قد تؤثر على التخدير.
قد يُطلب منك إيقاف بعض الأدوية قبل الفحص بأيام، لذا يجب التنسيق مسبقًا مع الطبيب.
كيف يتم إجراء منظار القولون؟
يُجرى منظار القولون في المستشفى أو مركز طبي مختص، تحت إشراف فريق طبي متخصص. خطوات الفحص تشمل:
- التخدير أو التسكين:
- يتم إعطاء مهدئ وريدي لتخفيف الألم والتوتر.
- بعض الحالات تُجرى تحت تخدير كامل.
- البدء بالفحص:
- يستلقي المريض على جانبه الأيسر.
- يُدخل الطبيب المنظار عبر فتحة الشرج حتى يصل إلى القولون.
- تُضخ كمية من ثاني أكسيد الكربون لتوسيع القولون وتحسين الرؤية.
- أثناء الإجراء:
- قد يُطلب من المريض تغيير وضعه لتسهيل المرور.
- يمكن إزالة الزوائد أو أخذ عينات مباشرة أثناء الفحص.
- انتهاء الإجراء:
- يُسحب المنظار ببطء.
- يُنقل المريض إلى غرفة التعافي لمتابعة العلامات الحيوية.
كم يستغرق منظار القولون؟
- يستغرق الإجراء عادةً من 15 دقيقة إلى ساعة.
- يحتاج المريض بعدها للبقاء في المركز من ساعة إلى ساعتين لمراقبة حالته.
- يمكن العودة إلى المنزل في نفس اليوم، ولكن يجب أن يكون برفقة شخص آخر.
هل منظار القولون مؤلم؟
- أثناء الفحص: لا يشعر معظم المرضى بأي ألم بسبب المهدئات أو التخدير.
- بعد الفحص:
- قد تحدث بعض الغازات أو الانتفاخات أو التقلصات الخفيفة.
- نادرًا ما يشعر البعض بانزعاج بسبب إزالة الزوائد أو الخزعات.
- الألم عادةً خفيف ويزول خلال ساعات أو يوم.
تنبيه هام: في حال ظهور أعراض مثل ألم حاد، نزيف مستمر، حرارة مرتفعة، دوخة أو انتفاخ شديد بعد الفحص، يجب مراجعة الطبيب فورًا.
متى يجب إجراء منظار القولون؟
توصي جمعية السرطان الأمريكية بما يلي:
- بدء الفحص الدوري عند سن 45، حتى وإن لم تظهر أعراض.
- تكرار المنظار كل 10 سنوات في الحالات الطبيعية.
- إذا وُجدت سلائل أو تاريخ عائلي، قد يُطلب المنظار بشكل متكرر كل 3 إلى 5 سنوات.
- الأشخاص فوق سن 85 عامًا لا يُنصح لهم بإجراء هذا الفحص، إلا في حالات استثنائية.
نصيحة طبية
منظار القولون قد يبدو مزعجًا، لكنه أحد أهم الفحوص التي تنقذ الأرواح باكتشاف السرطان في مراحله المبكرة. تأجيل الفحص أو الخوف منه قد يؤدي لاكتشاف المرض في وقت متأخر، حيث تقل فرص العلاج.
في الختام
يُعتبر منظار القولون أداة تشخيصية وعلاجية في آن واحد. ومع التقدم الطبي، أصبح إجراءه آمنًا وسريعًا وغير مؤلم نسبيًا. التحضير الجيد هو مفتاح نجاح الفحص، لذا من الضروري اتباع تعليمات الطبيب بدقة.
سواء كنت تُعاني من أعراض هضمية مزمنة أو ترغب بإجراء فحص روتيني، لا تتردد في سؤال طبيبك عن جدوى منظار القولون لحالتك، ولا تؤجل فحصًا بسيطًا قد يُحدث فرقًا كبيرًا في مستقبلك الصحي.
للمزيد من المعلومات الطبية الموثوقة:


