نظرة شاملة من الطب والنفس إلى الحياة الزوجية
ضعف الانتصاب هو أحد التحديات التي تواجه كثيرًا من الأزواج، وهي حالة لا تُرمى بالكامل على عاتق أحد الشريكين. فبين الأسباب المرضية، والهرمونية، والنفسية، والمشاكل اليومية، تترابط عدة عوامل تُشكّل الصورة الكاملة. فهل الزوجة سبب مباشر؟ أم أن الأمر أعقد وأعمق من ذلك؟
قصة ليلية لم تنجح كما كان يُتوقع
لنفترض أنّ أحمد وزوجته ليلى تزوجا منذ سنة، وكان أحمد يشعر بثقة بنفسه، لكن في إحدى المرات عندما حاول إيصال العلاقة الحميمية إلى ذروتها، شعر بأن الانتصاب لا يستمر. ارتبك، وبدأ يشعر بالتوتر والقلق من تكرار فشل الممارسة، مما زاد الأمر سوءًا في المرات اللاحقة. ليلى حاولت المساعدة، ولكن الخجل حدث، ولم يُفتح الحوار بينهما، مما خلّف فجوة عاطفية وزادت الشعور بالخسارة لدى أحمد.
هذه القصة ليست نادرة، بل هي مثال يبيّن كيف يمكن أن تتشابك العوامل النفسية والعاطفية والمادية لتُحدث ضعف الانتصاب. في هذا المقال، سنفحص هذه العوامل، ونُقدّم كيف يمكن للزوجة أن تكون داعمًا، لا سببًا، وكيف يعالج الأزواج المشكلة.
أولًا: الأسباب الطبية والعضوية لضعف الانتصاب
قبل أن ننظر إلى دور العلاقة الزوجية، لا بد من فهم الأسباب العضوية والطبية التي غالبًا ما تكون وراء ضعف الانتصاب:
- الأمراض المزمنة
مثل السكري الذي يؤثر على الأعصاب والدورة الدموية، أمراض القلب والشرايين، ارتفاع ضغط الدم، أمراض الكلى. - العوامل الهرمونية
انخفاض هرمون التستوستيرون، اضطرابات الغدة الدرقية، وغيرها من الاختلالات الهرمونية. (SMSNA) - الأدوية
بعض أدوية ضغط الدم، أدوية القلب، مضادات الاكتئاب، وبعض العلاجات الأخرى قد يكون لها آثار جانبية على الانتصاب. (Mayo Clinic) - أمراض الأوعية الدموية والأعصاب
مثل أمراض الأوعية الدموية التي تقيد تدفق الدم إلى القضيب أو تلف الأعصاب غير القادر على نقل الإشارات العصبية المطلوبة. (SMSNA) - نمط الحياة غير الصحي
التدخين، الكحول، السمنة، قلة النشاط البدني، وقلة النوم كلها تؤثر على الانتصاب. (Healthline)
ثانيًا: الأسباب النفسية والعاطفية
حتى وإن كانت الأسباب العضوية موجودة، فغالبًا ما تتداخل معها الأسباب النفسية، والعاطفية، فتصبح المشكلة مركبة:
- الأداء والقلق من الفشل
تجربة ضعف الانتصاب مرة أو مرتين يمكن أن تولد خوفًا من التكرار، ومع كل محاولة ينمو القلق، مما يزيد من احتمالية الفشل. (shockwaveclinic.co.za) - التوتر وضغوط الحياة
مثل الضغوط المهنية، المالية، الأُسرية، والأحداث الصعبة. التوتر المزمن يرفع مستويات الكورتيزول ويُضعف القدرة الجنسية. (Medical News Today) - الاكتئاب وفقدان الثقة بالنفس
الذي قد يُضعف الرغبة الجنسية ويُقلل من الاستثارة النفسية. (SMSNA) - المشاكل في العلاقة الزوجية
مثل ضعف التواصل، الغضب، الشعور بعدم التقدير، الخلافات المتكررة أو الأذى العاطفي. هذه العناصر تؤثر على الجو النفسي والعاطفي، ما ينعكس في الأداء الجنسي. (shockwaveclinic.co.za) - قلة الخبرة والتربية الجنسية
الأفراد الذين لم يتلقوا تثقيفًا جنسيًا صحيًا قد يشعرون بحرج شديد في الحديث عن ما يفضلونه أو ما لا يفضلونه، مما يؤدي إلى فجوة في التفاهم أثناء العلاقة الجنسية.
ثالثًا: هل الزوجة “سبب”؟ وهل دورها إيجابي أم سلبي؟
من المهم التفريق بين:
- السبب المباشر: وهو نادر أن تكون الزوجة وحدها هي المسبب الكامل لضعف الانتصاب.
- عامل مساعد أو مهيّج: غالبًا ما تكون الزوجة جزءًا من البيئة العاطفية، وتفاعلها، وطبيعة التواصل معها، تجعل من المشكلة أكبر أو تُسهّل ظهورها أو استمرارها.
يمكن أن تلعب الزوجة دورًا سلبيًا إذا كان هناك:
- لوم أو سخرية أو نظرة judgmental عند ضعف الانتصاب.
- عدم الاستماع أو التفهم للشريك في ما يشعر به.
- تجاهل الاحتياجات الجنسية العاطفية، مانند المديح أو المداعبة، أو الروتين الممل الذي يفتقر للتجديد.
- عدم الحوار عن ما يُحب كل طرف وما يُزعجه في العلاقة الجنسية.
على الجانب الآخر، يمكن للزوجة أن تكون عاملًا إيجابيًا قويًا إذا:
- وفّرت بيئة آمنة يستطيع فيها الزوج الحديث عن مخاوفه دون سخرية أو لوم.
- دعمت نفسيًا وشعرت بأنها معه لا ضده.
- شاركت في البحث عن حلول، مثل الاستشارة أو تغيير العادات الحياتية.
رومانيّة “ضعف الانتصاب المفاجئ”: هل الخبرة تُحدث الفرق؟
الخبرة الجنسية، بمعناها التوعوي والفهم الجسدي للأجساد، تلعب دورًا مهمًا:
- عندما يكون الشريك أو الشريكة لا يعرفان جيدًا ما يريح الطرف الآخر وردات فعله، قد تكثر التجارب الفاشلة وهذا يخلق ضغطًا نفسيًا.
- لا بد من وجود مداعبات كافية، تهيئة نفسية جيدة، تواصل صريح أثناء العلاقة: ما يعجب، ما لا يعجب. هذا يُقلّل التوتر.
- ثقافة تعليمية جنسية صحية تساعد على إزالة الخجل والابتعاد عن الأوهام الخاطئة التي يُمليها المجتمع.
رابعًا: كيف يُعالج ضعف الانتصاب أثناء الممارسة؟ خطة شاملة
علاج المشكلة أثناء العلاقة (أي أن الانتصاب يضعف أثناء الإيلاج مثلاً) يتطلب علاجًا متعدد الجوانب:
العلاج الطبي
- الأدوية الفموية (PDE5 inhibitors) مثل الفياجرا (Sildenafil)، والتادالافيل، وغيرها. (Mayo Clinic)
- العلاج بالحقن أو اللجوء إلى أقماع أو تطبيقات داخل الإحليل (Suppositories) إذا لم تنجح الأدوية الفموية أو لم تكن مناسبة. (Mayo Clinic Health System)
- الدوام على تحسين الحالة الهرمونية إذا وُجد نقص في التستوستيرون أو اضطرابات أخرى. (SMSNA)
تعديل نمط الحياة
- ممارسة الرياضة بانتظام، خصوصًا التمارين الهوائية مثل المشي السريع، الجري، السباحة، لأنها تحسن الدورة الدموية generale. (Healthline)
- تغيير النظام الغذائي: تقليل الدهون المشبعة، التقليل من السكريات، وتناول الخضروات، الفواكه، البروتين الصحي. (Healthline)
- الابتعاد عن التدخين والكحول إن وجدا. (SMSNA)
- تحسين النوم والاسترخاء، التقليل من التوتر. (Medical News Today)
الدعم النفسي والزوجي
- العلاج النفسي الفردي أو مع الزوجة. التحدث مع مختص بالعلاقات أو طبيب نفسي أو أخصائي جنسي يساعد على معالجة القلق، الخوف، التوتر، وفقدان الثقة. (Mayo Clinic)
- التواصل المفتوح والصادق بين الزوجين: التعبير عن المودة، الثناء على ما يُعجب الطرف الآخر، تبادل الآراء حول ما يُريح كل طرف وما يزعجه.
- التثقيف الجنسي لكليهما – فهم الفسيولوجيا الجنسية، ما هي المراحل، ما يمكن أن يحدث جسديًا، حتى لا يُفاجأ أحد.
خامسًا: أمثلة واقعية وتجربة شخصية
لتقريب الصورة:
- مثال 1: زوجٌ يعاني من السكري منذ سنوات، وزوجته تحاول مساعدته بأن تكون داعمة، وتشجعه على مراجعة الطبيب، تعديل الأدوية، والمشي اليومي. حينما بدأ باتباع نمط حياة أفضل، لاحظ تحسّنًا تدريجيًا في الانتصاب والثقة بنفسه.
- مثال 2: زوجة تشعر أن زوجها لا يهتم بالمداعبة أو بتحضير الرومنسية، مما يؤدي إلى أن العلاقة الجنسية تشعر بأنها “واجب” وليس متعة. هنا تفتقد الإثارة النفسية، مما ينعكس في ضعف الانتصاب بسبب التوتر والابتعاد العاطفي. بمجرد أن تبدأ الزوجة والزوج في التحدث، ترتيب وقت خاص، مداعبة، تغيير الروتين، تحققت تغييرات إيجابية.
سادسًا: الخاتمة – الطريق إلى التعافي
إن ضعف الانتصاب لا يُعد اختلالًا يُلام أحد الطرفين وحده— إنما نتيجة تداخل عدة عناصر:
- العنصر العضوي غالبًا يُحتاج فيه إلى استشارة طبية كاملة.
- العنصر النفسي والعاطفي يتطلب أن تتعاون الزوجة والزوج، أن يكون هناك حوار، تفهّم، دعم.
- العنصر الثقافي والمعرفي: التغذية الجنسية بالمعلومات تُنفث الخجل وتُحوّل العلاقة إلى شراكة يفهم فيها كل طرف احتياجات الآخر.
إذا استطاع الزوجان أن يتعاملا مع الموضوع بكل شفافية، وطلبا المساعدة حين يلزم (طبيًا أو نفسيًا)، فإن غالبية الحالات تتحسّن كثيرًا أو تُشفى.
مصادر لتوسيع المعرفة
- Mayo Clinic – “Erectile dysfunction: Symptoms and causes” (Mayo Clinic)
- WebMD – “Erectile Dysfunction: Treatment” (WebMD)
- نقديّات نفسية تتعلق بالقلق من الأداء ودوره الفعّال في ضعف الانتصاب (shockwaveclinic.co.za)


